حبة البرد
بالحافلة، صاح الطفل مندهشا:
      - آه، حبات الثلج!
نهره أبوه:
     - اصمت، إنه برد وليس ثلجا.
مد الطفل يده من النافدة، التقط بعض الحبيبات، وضعها في راحته، أخذ يداعبها بأنامله، فذابت. غامت عيناه، مد يده ثانية ليلتقط غيرها، فجذبه أبوه بعيدا وأغلق النافذة. صاح فيه الطفل غاضبا: لقد ذابت، حاولت تدفئتها لكنها ذابت... وانسكبت دموعه غزيرة. 
دنت منه نادية وهمست:
    - صدقت، إنها حبات ثلج وأنت تحبها... أليس كذلك؟
     - بلى...
    - إذا كنت تحبها، اتركها خارجا، لأن الثلج إن أدفأته ذاب، وسريعا.
    - لكن الثلج دائما يذوب ! وأنا أفضل أن يذوب دافئا.
    - إن أحب، ذاب... 
قالت لنفسها ثم أردفت:
    - اسمع حينما تكبر ستفهم.
     - حينما أكبر سأمنع ذوبان الثلج.
مسحت دموعه، وطبعت قبلة خفيفة على خده، ثم مدت يدها والتقطت بعض حبات البرد، وضعتها وسط راحتها، شرعت تداعبها وهي ساهمة. ومن النافذة لاح لحا طيف خالد الذي كان ينتظرها. فترجلت من الحافلة ثم مشت إليه غير مكترثة بحبيبات البرد التي كانت تهرسها تحت قدميها