النافذة

بخفة دققْتَ، أنت، الباب، انتظرْتَ للحظات، ثم دفعته ومرقت إلى الداخل. جلتَ ببصرك داخل الغرفة... الجدران مطلية بطلاء أصفر وعلى إحداها علقت اللوحة؛ -أقصدُ لوحة الظهيرة.. أنت تعرفها طبعا فهي لفان جوخ! وحتى الطلاء الأصفر تعرفه فهو يذكرك دوما بحبات القمح أو بقرص الشمس-
انتفضتَ مُلقيا التحية على الجالس خلف المكتب والذي كان منشغلا؛ يخط شيئا ما. ظلت يدك معلقة قرب الجبين في انتظار كلمة: "راحة" شدتك النافذة ومنها انتقلت - ببصرك طبعا - إلى الجدران، فاللوحة. حدسك يخبرك أن هناك شيئا غير مألوف... ربما هي أذن مقطوعة، معلقة خلف الستارة، تقول لنفسك وتكتم ضحكتك.
– رُوبُّو!
أخيرا قلتَها - هكذا كنت تود الرد معلقا- لكنك التزمت الصمت وأرخيت يدك مقتربا من المكتب، فسألك الجالس دون أن يرفع عينيه عن الأوراق:
-   ما النظام الذي اتبعتموه؟
-  نظام : "اضرب، اشْرٍي، تربح!"*
- وكيف كانت النتيجة؟
-هائلة سيدي، تحطمت أسنانه الأمامية، وتكسرت يده اليمنى، وغطت الجْلَالَة* عينيه!
- وما الذي توصلتم إليه؟
لقد كان المدعو"خالدا"  بريئا  يا سيدي!
رفع عينيه عن الأوراق، نظر إليك مليا حتى أحسست بنظراته سهاما تخترق جلدك؛ تتهمك بالتقصير. جمع قبضته ثم أرخاها وبهدوء وبهدوء أمركَ بالانصراف، فسرقتَ نظرة أخيرة إلى النافذة ولم تعرف سبب اهتمامك بها. درت على عقبيك، غادرت الغرفة وأغلقت الباب.
في الممر، عادت الصور إلى ذهنك ركضا: الباب، الجدران، المكتب والنافذة... الآن بتَّ تعرف الشيء الذي اخترقك غيبا، والذي أسرك  دون أن تدري: إنها الستائر! لقد كان لونها أحمر.