هــــــــــــــــــــــــــــــي  

والحـــــمـــــام 

كانت"نادية سافو" الابنة السابعة لعائلة تمتلك بضع شجرات من اللوز وعشر دجاجات وديكا ريشه أحمر. وكثيرا من البنات اللائي كن يؤمن بأن سبيلهن للخلاص من الخبز الأسود المغموس في ساعات الرخاء بزيت الزيتون هو الزواج. ما عدا، هي، فلطالما احتضنت لوحها رافعة عاليا شعار عدم الاحتياج لذكر.

وعندما أخبرهم المعلم أن الحمام يظل وفيا لأنثاه، يَزُقها، يظلها بجناحه ولا يفارقها أبدا، تبادر إلى ذهنها صنع مقلاع والتدرب على الـــــــرمــــــــي. وهكذا كانت تنتظر حتى يلتهب الجو صيفا ويفور دمها وتتصاعد الأبخرة إلى دماغها، فتلتقط المقلاع تضرب ما طار من الحمام أو حط. ثم تنبش أعشاشه وهو غائب وتجمع بيضه وتصنع منه عجة؛ تكسره بيضة، بيضة وهي تبتسم هازئة منه: "بيض الحب هو، بيضك!"

كبرت وعاشت كما أرادت؛ حرة! غير عابئة بمن كان يراها فاكهة ناضجة حتى رن الهاتف، في تلك الليلة الربيعية وأحست بــــ"خالد" يتقرب منها ويغويها. حينها فقط، تذكرت حمامها وبيضه. وألفت نفسها، دون أن تدري، تنظر إلى سقف الغرفة، تحملق فيه مشدوهة، مأخوذة بكل ذاك البيض المكسور، الذي كانت تراه يدور من حولها ويوشوش. حاولت بكل طاقتها تبين همسه، لكنها لم تستطع لهديل وسجع الحمائم التي اصطفت أمامها في خط أفقي تزف وتشد حبلا مفتولا حول عنقها، وتحكم شده حتى انغرز في لحمها وأوشكت تموت. 

وهكذا صارت كلما اتصل، تكلم وأقفل الخط إلا هزت برأسها، رجتها بقوة فتتساقط منها قشور البيض صلبة ومدماة. في الوقت الذي يختبئ فيه باقي البيض يرقب وينتظر تصاعد الأبخرة من جديد، إلى رأسها كي  يفقس ويطير أمامها سرب حمام، يفتل الحبل.