إنا نشتغل
على الأدب الرقمي ضمن مشروع نقدي يروم التعريف به من خلال الوقوف عند كيفيات تشكله
وتبنينه، وطرائق قراءته قصد بناء نظرية تعرف به وتتعرفه..وهذا المشروع جعلنا نقف
عند عدة أشكال عالمية وعربية كلها خرجت من معطفه كالرواية والقصة المترابطة،
والرواية المترابطة التفاعلية، ورواية الواقعية الرقمية، والرحلة الرقمية، ورواية
لعب الفيديو المنشقة، عربيا، عن رواية الواقعية الرقمية بالإضافة إلى الرواية
التوليدية.. لكني لم أصادف قط قــصــة الفــيديـــــو لذلك خضت غمار إخراج قصتي
الموسومة بــــ "حذاء الحب"، وقصة "هي والحمام" لتكونا أول
أنموذج لقصة الفيديو، وأول تجربة ضمن هذا الشكل الرقمي القائم على المشهدية
والفرجوية المحضة، وعلى الهجنة المتمثلة في الدمج بين العلامات اللسانية، وغير
اللسانية كالصوت والصور الثابتة والمتحركة والموسيقى، وعلى غواية الشاشة، وسحرها.
وكان هدفي من وراء هذه الإضافة هو:
- - لفت الانتباه
لقصة الفيديو كنوع انجرافي مشهدي يحقق مطلب الرقمية المتمثل في الهجنة وتوظيف
"الملتييميديا" واستخدام التقنية الرقمية لتخدم الغايات السردية عاملة
على تحويل المبحر إلى مشاهد/قارئ يفك شفرات النص اللغوي المُصاحَب بموسيقى
تصويرية، وخلفيات تتواءم وتنامي الحدث، تأزمه وجريه حثيثا نحو انفراجه وحله. فتراه
ينخرط في محاولة إيقاف النص، وإعادة تشغيله والعودة به إلى الوراء أو القفز به
استشرافا للآتي وهي الحركات المحققة لتفاعله في درجاته الدنيا مع الاستفادة من
تقنيات المونتاج للتأثير على الموسيقى والأصوات والخلفيات من تسريع وإبطاء،
وتكرار، وتركيب من خلال الدمج.
- - توسيع مفهوم
الأدب الرقمي ليخرج من دائرة الترابط والتفاعلية ليتمكن من الانفتاح على
الانجرافية والفرجوية.
- - العودة بمفهوم
السرد الرقمي إلى الزمنية بعدما ارتمى في أحضان الفضائية مع شبكية الحبكة، وتعدد
المسارات وتداخلها كما هو الحال في كل الأشكال المبنية على الرابط والمسارات،
والتعدد حيث نلاحظ في قصة الفيديو عودة للخطية المتبدية من خلال المسار الواحد
الرابط بين البداية والنهاية.
- - العودة لمفهوم
البداية والنهاية مع الحرص على دورية التشكل والفرجة والقراءة.
لهذه الأسباب وغيرها أبتدعنا قصة
الفيديو للإشارة إلى مرونة الأدب الرقمي وقدرته على ابتكار أشكال جديدة بآليات
كتابية وجماليات قرائية جديدة قد تنحرف عن السنن الكتابي الورقي وقد تتقاطع معه
وتتلاقى في مواضع دون غيرها.