كلمة القاصة

يتعدى دور الرابط تأمين المرور من عقدة معلوماتية إلى أخرى ليطلع سرديا بأدوار متعددة تتحكم في بناء الشخصية وتناميها، وربط الأحداث وتشعبها، والتحكم في الحبكة مؤثرا بذلك على البناء وطرائق التشكل الفني وعلى العوالم الدلالية لذلك يعد الأداة الأساس التي تكون بها عالم غرف ومرايا متكورا.. متعددا، ومتشعبا، ومختلفا سائرا نحو اكتماله بنقصه. وارتباطه بانفصاله، وتوحده بتشتته راسما دهاليز مسارات تتداخل متقاطعة في ارتباطها بالشبكة. فأصبح بالترابط مرآة وظل مرآة، وذاكرة مخترقة بالظلال، وما الرابط إلا ظل يرتبط بأصل هو ظل.
إن غرف ومرايا في انكتابها شبكيا اختارت أن تكون مترابطة محاكية الحقيقة حين ارتباطها بالوهم، والذات حين ارتباطها بآخرها ..شبيهها أو معاكسها، والفكرة حين حدسها للبوسها.
فمرحبا بك أيها المبحر الكريم في هاته العوالم المتشظية التي تروم ارتباطها وانسجامها عبر خيط وعقدة..هي: 
الرابط.
تلتقي المسارات وتلتف. تتمرأى القصص راسمة في ترابطها حكاية الإنسان ما بين مرآة وذاكرة....للمرآة صفاؤها، غبشها وغوايتها. وللذاكرة التواءاتها وسراديبها..
لتتلاقى المصائر، وتشتد الحبال ثم ترتخي..وما الحكاية إلا الإنسان وما الربط والترابط إلا حبال بها نتمسك، ومراسي ثابتة بها نستحكم..  وهذا هو حال غرف ومرايا فأحيانا تكون إعصارا مقتلعا.. دهشة مطلة أو رفة فراشة..وأحيانا ترمي بالمتواضع والمتفق عليه وبأثواب حشمتها وتاء أنوثتها وبفحولتها أيضا لتكون هي الكتابة: لحظة ما مقتطعة من الحياة..من الزمن.. من المرايا..من الذاكرة بكل حدتها وملمسها الأملس أو الخشن  لحظة نطل فيها على النفس بنورانيتها، وشفافيتها، وبظلمتها والتباسها، تعاليها وشهوانيتها، قوتها وضعفها منبنية بمسارات ومدارات مما سهل الربط بين المصائر والشخصيات والأحداث المتصلة والمنفصلة، المختلفة والمشابهة، الماضوية والآنية، الحلمية والاستيهامية، الواقعية والدخانية..المنسربة؛ فخالد، مثلا،  هو قاطع الطريق الصغير الذي كان يخيف "نادية" في ذهابها ورجوعها من المدرسة وهو من كان يرجع للبيت مسرعا كي يستمع لحكايا الجد وهو من التقاها فجأة وسحرها، وأسرته وهو من احتجزه الزوج " سعيد"، عميد الشرطة وحاول أن يلفق له التهم ..إنها الحياة ما بين مرغوب ومنبوذ ومكتوب تلتف لتعقد عراها ثم ترتخي ما بين مسارات ومدارات، مسارات تجعل القصص تكبر، وتتسع بالرمز والإيحاء والربط والترابط كتقنية ورؤيا للوجود، وكمحاولة عيش، وحلم متحقق ومجهض يتوسل بها لجعل القصة تخترق حدود الرواية لقد حاولت بكلمة أن أكتب الرواية بالقصة بالاعتماد على:
الكثافة والرمز
الرابط.
المسارات.
المدارات.
وفي النهاية نشير إلى أن المسارات والمدارات كما يشير إلى ذلك الدكتور "إسماعيل شكري" : "مفهوم وارد في التحليل المعرفي حيث كلما انتهى مسار بدأ مدار يعود إلى القصة الأولى فينميها.. ثم المسار الثاني عند انتهائه يعود بواسطة مدار جديد إلى القصة الثانية وهكذا... تتشكل قصص غرف ومرايا المترابطة بمسارات ومدارات".